التغيرات الغذائية..إرباك للهضم في الشتاء 08-12-2025

التغيرات الغذائية..إرباك للهضم في الشتاء | صحيفة الخليج
www.alkhaleej.ae

يزداد النمط المتكرر من الشكاوى الهضمية خلال أشهر الشتاء، حيث ترتبط معظمها بتغيرات موسمية متوقعة في النظام الغذائي والسلوك اليومي مع انخفاض درجات الحرارة، ما يؤثر على تنظيم الشهية، وحركة الأمعاء، ومستويات الترطيب في الجسم، وتركيبة الميكروبيوم المعوي، وتلعب جميعها دوراً محورياً في عملية الهضم، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

قالت د.بريثفي بريادارشيني، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي: إن الكثير من الأشخاص يقبلون على تناول أصناف دسمة وغنية بالسعرات الحرارية في الشتاء، بهدف الشعور بالدفء، وهي أطعمة تُهضم ببطء وتؤخر إفراغ المعدة، ما يزيد من احتمالية الانتفاخ، وحرقة المعدة، وعسر الهضم، كما يُعد انخفاض معدل شرب الماء عاملاً أساسياً آخر، إذ يؤدي الجفاف إلى تيبس البراز وبطء حركة القولون، ما يفاقم حالات الإمساك.

وتابعت: يقلل الطقس البارد مستوى النشاط البدني والتعرّض لأشعة الشمس، ما يؤدي إلى انخفاض مستويات فيتامين «د» في الجسم، وهو أمر مرتبط بضعف المناعة المخاطية وتغيرات في سلامة الحاجز المعوي.

وأضافت: يتسبب خفض استهلاك الفواكه الطازجة والسلَطات خلال فصل الشتاء، في نقص كمية الألياف المتناولة، وبالتالي تراجع أعداد البكتيريا النافعة في الأمعاء التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وهي عناصر ضرورية لوظيفة الأمعاء السليمة والسيطرة على الالتهابات، وينجم عن تناول المشروبات الساخنة، والتي تحتوي على الكافيين، والأطعمة الحارة تهيجٌ في الجهاز الهضمي العلوي.

وبينت أن الشكاوى الهضمية التي ترتبط بتغيرات نمط الحياة والتغذية الموسمية في الشتاء، تتمثل في الارتجاع الحمضي وتفاقم أعراضه، نتيجة تناول وجبات غنية بالدهون والإكثار من الكافيين، وكذلك الإمساك الناتج عن ضعف الترطيب وقلة الألياف في النظام الغذائي، كما يعاني بعض الناس عسر الهضم، والشعور بالامتلاء، والانتفاخ.

وتضيف: تُعد العدوى المنقولة عبر الغذاء من المشكلات المتكررة في التجمعات الشتوية، خاصةً عند ترك الطعام مكشوفاً لفترات طويلة في درجات حرارة غير مناسبة، إضافةً إلى ذلك، يعاني بعض المرضى نوبات متكررة لمتلازمة القولون العصبي، إذ يسهم الطقس البارد واضطراب مواعيد الوجبات في التأثير على التوازن الدقيق بين الدماغ والأمعاء.

تنصح د.بريثفي بريادارشيني باتباع نمط غذائي متوازن يدعم أداء الأمعاء ويخفف المشكلات الهضمية الشائعة في هذا الموسم، وذلك عن طريق تناول أطعمة موسمية غنية بالألياف مثل: الشوفان، والعدس، والجزر، والبنجر، والجوافة، والحمضيات، لما لها من دور في تعزيز حركة الأمعاء وتنظيم الهضم، ويُفضل شرب الماء الدافئ أو مشروبات الأعشاب الطبيعية للحفاظ على الترطيب، إلى جانب إدخال الأطعمة المخمّرة والغنية بالبروبيوتيك.

وتتابع: يجب اعتماد طرق طهي صحية مثل: التبخير أو التحميص أو الشَّيّ بدلاً من القلي، وتناول وجبات صغيرة ومتكررة لتقليل الضغط على المعدة، ولا ينبغي إغفال أهمية الحصول على كميات كافية من فيتامين «د» من خلال التعرض المعتدل لأشعة الشمس أو تناول المكملات عند الحاجة، والحفاظ على نشاط بدني منتظم لتعزيز حركة الأمعاء والوقاية من الإمساك.

مشكلات متعددة

تذكر د.نور أبو محفوظ، طبيبة الصحة العامة، أن انخفاض درجات الحرارة يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية في الجهاز الهضمي، ما يقلل تدفّق الدم ويُبطئ عملية الهضم، كما يزيد نشاط الجهاز العصبي الودي، ما يساهم في تباطؤ حركة الأمعاء وظهور مشكلات الانتفاخ والغازات. ويسبب الميل لتناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات في الشتاء زيادة العبء على المعدة، ومن ثم إلى تأخر إفراغ الطعام وحرقة المعدة، ويعاني البعض حساسية لبرودة الجو، ما يؤدي إلى تشنجات عضلية في البطن.

وتبين أن انخفاض النشاط البدني وقلة الحركة خلال الموسم البارد، يقللان انقباض عضلات الأمعاء، ويزيدان احتمالية حدوث الإمساك، وتباطؤ التمثيل الغذائي، وبالتالي زيادة تراكم الغازات وصعوبة الهضم، كما يؤدي نقص التعرض لأشعة الشمس إلى انخفاض مستوى فيتامين «د»، وهو عنصر مهم لدعم المناعة وصحة الجهاز الهضمي.

وتلفت د.نور أبو محفوظ إلى أن أجواء الشتاء يمكن أن تتسبب في زيادة فرص المشكلات النفسية، حيث يسهم ضعف الإضاءة خلال النهار في انخفاض مادة السيروتونين، ما يزيد مشاعر القلق والاكتئاب، كما يؤدي التوتر إلى اضطرابات القولون العصبي وارتفاع إفراز الأحماض المعدية، وينجم عن تغير مدة ساعات النهار والليل، النوم غير المنتظم وبالتالي فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل.

وتضيف: يجب إدارة الإجهاد ودعم الصحة النفسية خلال الموسم البارد، عن طريق ممارسة تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق، والتأمل، وتمارين اليوجا التي تساعد على تنظيم استجابة الجسم للتوتر، والحصول على النوم الكافي، لتحسين توازن الهرمونات وتقليل مشكلات الحموضة والقولون العصبي، وتجنب المنبهات كالكافيين في ساعات الليل، لأنها تزيد القلق وتُضعف جودة النوم، كما يسهم التواصل الاجتماعي مع الأهل والأصدقاء في تحسين المزاج وتقليل التوتر المرتبط بمشكلات الهضم.

توصي د.نور أبو محفوظ بالحفاظ على النشاط البدني اليومي والمشي، بمدة لا تقل عن 20–30 دقيقة لتحفيز حركة الجسم خلال فصل الشتاء، وتناول وجبات صغيرة ومتوازنة، وتجنب الإفراط في الأطعمة الدسمة، والإكثار من الألياف كالخضراوات، الفواكه، البقوليات والحبوب الكاملة، وشرب الماء بانتظام، وتناول مشروبات دافئة صحية مثل النعناع والزنجبيل، والحفاظ على دفء الجسم، وخاصة منطقة البطن، لتقليل التشنجات، والحد من الأكل المتأخر ليلاً لتقليل الحموضة، وإضافة مصادر البروبيوتيك كالزبادي، لتحسين صحة الأمعاء، وممارسة الاسترخاء يومياً لدعم الهضم والصحة النفسية.

5 مشروبات مفيدة


يعتمد العديد من الأشخاص على تناول الأطعمة الدسمة للتغلب على الشعور بالبرد، ما يسبب الانتفاخ ويعرقل عملية الهضم، ولذلك ينصح خبراء التغذية بالمشروبات الشتوية التي تسهم في التخلص من الغازات بطرق طبيعية وتحسين الهضم، ومن فوائد هذه المشروبات:
1- يؤدي مشروب القرفة الساخن دوراً مهماً في تخفيف الانتفاخ والغازات الناجم عن اضطرابات الهضم، كونها تحتوي على نسبة من الزيوت العطرية والمركبات النشطة التي تُحسن حركة الجهاز الهضمي. 
2- يعتبر مشروب الشاي بالنعناع من الأنواع التقليدية المحببة لدى كثير من الناس، إضافة إلى فوائده الكثيرة، فهو يعمل على تهدئة الجهاز الهضمي، لأنه يحتوي على زيوت طبيعية (المنثول) المفيدة لاسترخاء عضلات الأمعاء، وتخفيف التشنجات المعوية، ما يقلل الانتفاخ والشعور بالامتلاء.
3- تشتهر الكراوية بأنها من الأعشاب الطبيعية التي تحفز على إفراز العصارات الهضمية، وتستخدم للتخفيف من الانتفاخ، كونها غنية بزيوت الكارفون والليمونين، التي تحسن عملية الهضم، وتقلل الغازات المتراكمة في البطن.
4- يُعد الشاي بالزنجبيل من أفضل المشروبات الطبيعية، إذ يحتوي الزنجبيل على مركبات نشطة مثل (الجينجيرول والشوجول)، كونها تمتلك خصائص مضادة للالتهابات وتحسن حركة الأمعاء، ما يُسهم في تخفيف الغازات والانتفاخات.
5- يتميز شاي البابونج بقدرته على تهدئة التقلصات، وراحة عضلات الأمعاء وتخفيف التشنجات، وتحسين هضم الطعام، وطرد الغازات المحبوسة.