سن الأمل».. مواجهة مع التغيرات الهرمونية 27-10-2025
«سن الأمل» مرحلة بيولوجية طبيعية في حياة النساء، تبدأ عادة بين عمر 48 و52 سنة، مع توقف المبيضين عن إنتاج الأستروجين والإباضة وبالتالي عدم وجود الدورة الشهرية بشكل دائم، وترافق هذه الحالة بعض التغيرات الهرمونية. وعلى الرغم من معاناة المرأة من تحديات ومشكلات الصحية، إلا أنها تستطيع تجاوزها بالتعديلات المناسبة على نمط الحياة والتوجيه الطبي، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على كيفية الحفاظ على صحة وحيوية المرأة خلال هذه المرحلة من حياتها التي يصفها البعض خطأص بسن اليأس.
تقول د.مها العزاوي، أخصائية النساء والتوليد: مرحلة «سن الأمل» عند المرأة تبدأ بتوقف الدورة الشهرية نهائياً، وذلك بين عمر 48 إلى 52 سنة عند أغلب النساء، وتحدث هذه الحالة نتيجة توقف المبيضين عن إنتاج هرمون الأستروجين وإفراز البويضات.
وتوضح د.مها العزاوي أن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من فرص انقطاع الطمث المبكر، ويمكن أن تكون أسباباً عائلية وراثية أو جينية أو بسبب الأمراض المناعية، ومشاكل الغدة الدرقية، ومرض السكري، وداء السيلياك، والعلاجات الطبية الكيماوية أو الشعاعية بسبب الأمراض السرطانية في الطفولة، أو استئصال المبايض لأسباب مرضية مختلفة، أو نتيجة عوامل متعلقة بنمط الحياة، مثل: اضطرابات الوزن والسمنة، والضغط النفسي والإجهاد، وممارسة أنواع الرياضة القاسية.
مراحل انتقالية
د.أنيتا صوفيا، أخصائية أمراض النساء والتوليد، ترى أن انقطاع الطمث عملية بيولوجية طبيعية تحدث للسيدات بشكل تدريجي، على ثلاث مراحل رئيسية.
تبين د.أنيتا صوفيا، أن انخفاض مستويات هرمون الأستروجين خلال فترة انقطاع الطمث لدى النساء، يؤدي إلى حدوث مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية، وتتفاوت هذه التغيرات في شدتها، ولكن يمكن التحكم في معظمها بالوعي والرعاية المناسبة، وتشمل التحديات الشائعة مشكلات العظام والمفاصل، حيث يزيد الفقدان السريع لكثافة العظام من خطر الإصابة بالهشاشة والكسور، ويمكن أن يؤثر انخفاض الأستروجين على الكوليسترول وضغط الدم، ما يرفع بشكل طفيف من خطر أمراض القلب والأوعية الدموية إذا لم تتم مراقبته.
وتتابع: تعاني النساء أيضاً بعد انقطاع الطمث تغيرات في الدماغ والمزاج، وتلاحظ بعضهن تقلبات في المزاج والنسيان، واضطرابات في النوم، أو قلق خفيفً، وترتبط هذه التأثيرات بالتقلبات الهرمونية، وربما تحدث حالة تُعرف باسم «متلازمة الجهاز البولي التناسلي لانقطاع الطمث»، ويمكن أن تتعرض بعضهن إلى انخفاض الرغبة الجنسية وجفاف الجلد وترقق الشعر.
تنبه د.أنيتا صوفيا، أن سن الأمل وقت التجدد والتوازن، وتتعلق إدارة هذه المرحلة بالعناية بالصحة العامة، البدنية والنفسية، وذلك باتباع العادات الصحيحة والدعم، والنظام الغذائي الغني بالكالسيوم وفيتامين «د» والفواكه والحبوب الكاملة، كما تساعد ممارسة الرياضة على التحكم في الوزن وتقوية العظام وتحسين المزاج، وتسهم المكملات الغذائية وتمارين القوة، في الحماية من الهشاشة، وتعد الفحوص الطبية مهمة لصحة القلب والكشف المبكر والوقاية من الحالات المرتبطة بالعمر والسرطان.
وتضيف: تجب معالجة جفاف الجهاز التناسلي تحت إشراف طبي بالمرطبات المائية أو كريمات الأستروجين لتخفيف الانزعاج، ويمكن استخدام العلاج بالهرمونات البديلة أو البدائل الطبيعية مثل الأستروجين النباتي، وطلب الدعم النفسي لتجاوز هذه المرحلة بسلام.
دعم نفسي
يبين د.أمير جاويد، استشاري الطب النفسي، التغيرات الهرمونية الأنثوية يمكن أن تؤثر خلال فترة انقطاع الطمث في اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ، ما يؤدي إلى تقلبات المزاج، والقلق، والتوتر، والاكتئاب، والانفعالية، ومشاكل الغضب، وعدم تقدير الذات، وضعف الثقة بالنفس، ونوبات الهلع، ويتسبب انخفاض مستويات هرمون الأستروجين خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث وبعده، في معاناة المرأة من الهبات الساخنة واضطرابات في النوم.
ويضيف: تتسبب الأعراض الفسيولوجية الناتجة عن انقطاع الطمث في تفاقم المشكلات النفسية، ووفقاً للدراسات، فإن 68% من النساء يعانين عادة عدم استقرار المزاج أو تقلباته بعد انقطاع الدورة الشهرية، ومع ذلك، فإن هذه التقلبات تعد أكثر شيوعاً لدى النساء اللاتي لديهن تاريخ من حالات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب الشديد أو اكتئاب ما بعد الولادة.
يؤكد د.جاويد أن الأرق من المشكلات الشائعة خلال فترة انقطاع الطمث، ما يؤثر في الحالة النفسية والصحة البدنية، وقد تتزامن أعراض القلق والاكتئاب أحياناً، وتظهر في آنٍ واحد، كما أن الأعراض الجسدية واضطرابات الذاكرة والتفكير الشائعة المرتبطة بانقطاع الطمث (مثل النوم، والهبات الساخنة، والتعرق الليلي، واضطرابات النوم، وتغيرات الوزن، وضبابية الدماغ) قد تزيد من تعقيد أعراض الصحة النفسية.
ويُنصح تقليل مستويات التوتر، وزيادة التمارين الرياضية، والحصول على قسط كافٍ من النوم، عوامل تُساعد على تقليل الأعراض المحتملة، ويجب عند الاشتباه وضع خطة علاج مناسبة تشمل خيارات دوائية وغير دوائية في الإصابة بالاكتئاب أو القلق.
ويضيف: أن العلاج الهرموني البديل مفيد للسيدات في هذه المرحلة، إذ يُساعد على تخفيف الأعراض الفسيولوجية، وبالتالي التأثيرات النفسية أيضاً، كما يجب الحد من استهلاك الكافيين والكحول، كما تُساعد اليوغا والتأمل، ومن الضروري الوعي والتثقيف النفسي بهذه المشكلات خلال فترة انقطاع الطمث.
5 إرشادات لمكافحة «الهبات الساخنة»
تشير د.شيماء حبيب، أخصائية أمراض النساء والتوليد، إلى أن «الهبات الساخنة» من الأعراض التي تعانيها المرأة عند انقطاع الحيض، وهي شعور مفاجئ بالدفء والحرارة العالية في الجسم، ويرافقها على الأغلب تعرق شديد وقشعريرة باردة، وتستهدف على الأكثر مناطق الوجه والرقبة والأذن ويمكن أن تصل إلى الصدر، وتختفي خلال دقائق، وتعانيها حوالي 75 -80٪ من النساء خلال سنوات انقطاع الحيض الأولى وقد تستمر لمدة أكثر من خمس سنوات، ويوجد تقريباً 10% من النساء تستمر الأعراض لديهن لمدة 10 سنوات.
تذكر د.شيماء حبيب أن تشخيص الهبات الساخنة يتم عن طريق الفحص السريري، والأعراض التي تعانيها السيدة، مثل: الشعور المفاجئ بالحرارة والتعرق واحمرار الوجه بالإضافة إلى انقطاع الدورة الشهرية أو عدم انتظامها، وتتطلب بعض الحالات إجراء فحوص الدم للتأكد من أن العلامات مرتبطة بانقطاع الطمث.
وتضيف: لا تصنف الهبات الساخنة كمشكلة خطرة، لكنها تؤثر سلباً في الحياة اليومية حيث قد تسبب الشعور بالتعب والدوار والعطش، بالإضافة إلى تأثيرات نفسية يمكن أن تؤدي إلى تهيج وعصبية وتقلبات المزاج.
تلفت د.شيماء حبيب إلى بعض الإرشادات الصحية:
1- تغيير نمط الحياة، وتجنب المحفزات التي تزيد من حدوثها، مثل: الأطعمة الحارة والكافيين، ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على الوزن الصحي، وشرب كمية كافية من الماء للترطيب.
2- يمكن أن تساهم بعض المنتجات الطبيعية والغذائية، في الحد من شدة الأعراض، كمنتجات الصويا التي تحتوي على بدائل الأستروجين، والعشبة النباتية «الكوهوش الأسود» كونها غنية بالأستروجين النباتي.
3- يعتبر العلاج السلوكي من أفضل الطرق التي تساعد على السيطرة على أعراض انقطاع الطمث، والهبات الساخنة، وخاصة التنفس العميق والتأمل وممارسة اليوجا.
4- مراجعة الطبيب المختص لوصف العلاجات الدوائية المناسبة مثل: مضادات الاكتئاب كمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، كما أظهرت الأبحاث الحديثة فعالية دواء مضاد الصرع في تخفيف الهبات الساخنة وخصوصاً الليلية.
5- يعتبر العلاج الهرموني الأكثر فاعلية ولكن يجب استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي لأنه يحمل خطورة زيادة الإصابة بالسرطانات وأمراض الدم والشرايين.