الغذاء والعادات... سرّ البصيلات القوية 27-09-2025

تبدو خصلات الشعر اللامعة والصحية انعكاساً جمالياً يلفت الأنظار، لكن الحقيقة أن السر لا يكمن في الأطراف الظاهرة بقدر ما يبدأ من العمق، وتحديداً من البصيلات التي تُشبه جذور النباتات،هذه التراكيب الدقيقة تحتاج إلى مزيج متكامل من الغذاء والعناية والعادات اليومية السليمة، لتظل قادرة على إنتاج شعر قوي وصحي يقاوم التساقط والجفاف وغيرها. ومن هنا تأتي أهمية النظر إلى ما نقدّمه للجسم من عناصر أساسية، وما نمارسه من سلوكيات، باعتبارها الضمانة الحقيقية لبصيلات صحية.
الشعر في جوهره بروتين، ولهذا فإن أي نظام غذائي يفتقر إلى هذا العنصر يترك بصمته سريعاً على المظهر والكثافة، البيض يُعتبر من أبرز المصادر الغنية بالبروتين والبيوتين، وهما عنصران أساسيان في تكوين الكيراتين، أي البروتين الذي يشكّل الشعرة نفسها. أما الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين، فتمتاز بأحماض أوميغا-3 التي لا تكتفي بدعم مرونة فروة الرأس، بل تقلل الالتهابات الدقيقة التي تحيط بالجذور وتحافظ على بيئة نمو صحية، ومن الجانب النباتي، تبرز البقوليات كالعدس والحمص كمصدر بروتين نباتي يضمن استمرار عملية البناء.
ولا تتوقف أهمية التغذية عند البروتين، بل تمتد إلى الفيتامينات والمعادن التي تهيئ البيئة المثالية للبصيلات فالسبانخ وسائر الخضراوات الورقية توفر الحديد والفولات، ما يعزز وصول الأكسجين إلى أنسجة فروة الرأس. وفي المقابل، يحتوي كل من الجزر والبطاطا الحلوة على بيتا كاروتين يتحول في الجسم إلى فيتامين A، وهو العنصر الذي ينشّط الغدد لإفراز الزيوت الطبيعية التي تحمي الشعرة من الجفاف. أما المكسرات، خصوصاً اللوز والجوز، فهي غنية بفيتامين E والزنك اللذين يعملان معاً على الحد من التساقط.
وفي مواجهة الأضرار التأكسدية، يبرز دور مضادات الأكسدة في حماية البصيلات. التوت والفراولة يمدان الجسم بجرعة عالية من فيتامين C الذي يقي الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة، في حين يقدّم الأفوكادو دهوناً صحية وفيتامين E يسهمان في تعزيز تدفق الدم نحو فروة الرأس. ولا يقل الكولاجين أهمية عن ذلك، إذ يلعب دوراً محورياً في مرونة الشعر وصلابته، وهنا يبرز الفلفل الأحمر كمصدر وفير لفيتامين C اللازم لتكوينه، بينما يجمع البروكلي بين فيتامينات ومعادن تجعل منه عنصراً داعماً لصحة الشعر.
عادات يومية وعوامل مؤثرة
الغذاء وحده لا يكفي، فالبصيلات تتأثر أيضاً بنمط الحياة اليومي، التدليك البسيط لفروة الرأس لعدة دقائق يومياً يسهم في تنشيط الدورة الدموية وزيادة تدفق الأكسجين والعناصر الغذائية إلى الجذور. بالإضافة إلى النوم العميق الذي يلعب بدوره دوراً لا يقل أهمية، حيث يُفرز خلاله هرمون النمو المسؤول عن تجديد الخلايا، بما في ذلك خلايا البصيلات، وبالتالي فإن قلة النوم تؤدي إلى بطء في تجدد الشعر وضعف نموه.
لكن على الجانب الآخر، هناك عوامل بيئية وسلوكية قد تُضعف البصيلات بشكل غير ملحوظ مثل الاستخدام المتكرر لمجففات الشعر والمكواة الحرارية يسبب التهابات دقيقة متكررة تضعف الجذور بمرور الوقت، كما أن التعرض الطويل لأشعة الشمس دون حماية قد يضر بفروة الرأس بنفس الطريقة التي يضر فيها الجلد، إذ تخترق الأشعة فوق البنفسجية أنسجة البصيلات وتُعجّل في تساقطها.
الماء العسر، الغني بالكالسيوم والمغنيسيوم والكثير من المعادن الأخرى، يمثل بدوره تحدياً صامتاً، فعند غسل الشعر به تتكوّن رواسب على فروة الرأس تعوق امتصاص المغذيات وتجعل الشعرة هشة، ولتجاوز ذلك يُنصح باستخدام فلاتر مياه أو شطف الشعر بمحلول طبيعي من خل التفاح، أما الحالة النفسية فهي عامل خفي آخر، إذ إن التوتر المزمن يرفع مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم، ما يسرّع دخول الشعر إلى مرحلة السقوط وهنا يأتي دور الرياضة وأساليب الاسترخاء لتخفيف هذا الأثر وإعادة التوازن.
أعشاب وأطعمة داعمة 
إلى جانب الأطعمة الشائعة، هناك عناصر أقل تداولاً لكنها أثبتت أهميتها في دعم البصيلات مثل بذور القرع غنية بالزنك، وتُعرف بقدرتها على الحد من تأثير هرمون DHT الذي يرتبط عادةً بتساقط الشعر ويعتبر زيت إكليل الجبل من جهته يحفّز الدورة الدموية في فروة الرأس ويُحسّن وصول العناصر الغذائية إلى البصيلات، حتى إن بعض الدراسات قارنت أثره بمنتجات دوائية معروفة. أما الشاي الأخضر، فيحمل مركب EGCG المضاد للأكسدة الذي يقلل نشاط هرمون DHT نفسه، مما يمنح الشعر بيئة أكثر استقراراً للنمو.https://www.alkhaleej.ae/