التعفن في السرير تعريفه وإيجابياته وسلبياته 29-05-2024
تعريف التعفن في السرير:
التعفن في السرير: هو شكل من أشكال الرعاية الذاتية الذي يمارسه الجيل زد، ولاقى انتشاراً كبيراً على منصة "تيك توك" (TikTok)، والذي يشير إلى قضاء عدة ساعات أو اليوم بأكمله في السرير بهدف تجديد الطاقة الذهنية والجسدية والعاطفية، والانتباه إلى الحاجات الجسدية وتحديد أوقات للراحة والتكيف مع ظروف الحياة.
لا يوجد نشاط محدد يقوم به الأشخاص في هذا الوقت؛ بل يقتصر الأمر على الاستلقاء في السرير تحت كومة من الأغطية برفقة جهاز ذكي، وقد يتضمن "التعفن في السرير" الاسترخاء مع حيوان أليف أو الاستمتاع بوجبة خفيفة أو إرسال رسائل نصية إلى الأصدقاء، أو التحدث على الهاتف، أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي ونشر مقاطع فيديو أو صور تُظهر ممارسة هذه الظاهرة.
لا علاقة "للتعفن في السرير" في وقت النوم ليلاً؛ بل هو وقت للتخلص من الضغوطات والاستمتاع بالاستراحة، سواء من العمل أم الدراسة أم التفاعلات الاجتماعية.
إنَّنا نعيش في مجتمع يولي الانشغال أهمية كبيرة بصفته رمزاً لمكانة المرء في نظر الآخرين ويرتبط بقيمته الذاتية؛ إذ من الضروري أن نشعر بأهميتنا وتأثيرنا وبأنَّنا محط تقدير؛ لذا نتقصَّد الانشغال دائماً.
كانت مكانة المرء في الماضي تُقاس بما لديه من أموال أو ممتلكات، أمَّا الآن فيتطلب الأمر الانشغال الدائم والعمل الدؤوب (لتحقيق التميز)، وألَّا يكون لدى المرء إلا القليل من وقت الفراغ فقط.
على الجانب الآخر، نجد أشخاصاً يُقدِّمون مصلحة الآخرين على مصلحتهم دوماً كالآباء أو مقدمي الرعاية أو حتى أولئك الذين يهتمون بالآخرين بطبعهم، فتراهم يفكرون في احتياجات غيرهم أولاً، وحينما يكون الأشخاص الذين يهتمون بهم بخير ولا يحتاجون إلى شيء، يغمرهم إحساس بالسلام والرضى والإنجاز؛ إلَّا أنَّ الإنهاك يصيبهم في مرحلة ما في أثناء محاولة الحفاظ على تماسكهم؛ فهم يمتنعون عن تلبية احتياجاتهم في سبيل تلبية حاجات الآخرين، ويستغنون عن راحتهم باستمرار لتحقيق راحة غيرهم.
لا يفهم الكثيرون مدى صعوبة السعي الحثيث إلى توفير السلام الداخلي للآخرين، وغالباً ما يتمنى المرء أن يلاحظ شخص ما العلامات التي تُنذر بتعرضه للإرهاق ليحظى ببعض الراحة، ولكن، عندما لا يلاحظ أحد أنَّك تشقى وترهق نفسك، عليك أن تتسلم زمام الأمور وتعتني بنفسك، وإلا لن تقوى على الاعتناء بالأشخاص الذين يهمك أمرهم، ويُعد "التعفن في السرير" شكلاً من أشكال الرعاية الذاتية للمساعدة على الحفاظ على سلامتك والتخلص من ضغوطات الحياة.
4 إيجابيات لظاهرة "التعفن في السرير":
1. تساعد على التعامل مع التوتر والقلق:
بعد العمل لساعات طويلة في وظيفة مرهِقة والمعاناة من الأرق ليالٍ طوال بسبب القلق مما يحمله اليوم التالي، ثم الاستيقاظ في حالة من الإنهاك الجسدي والنفسي، قد تكون تجربة "التعفن في السرير" هي الحل الأمثل لك، فملازمة السرير لبضع ساعات أو حتى ليوم كامل مفيدة لصحتك النفسية والجسدية.
2. تخفيف المهام والاكتفاء بالراحة:
تتقاذفك مسؤوليات العمل والمنزل والعائلة، فتراك تنتقل من مهمة إلى أخرى دون أي استراحة؛ لذا فإنَّ ممارسة "التعفن في السرير" تفيدك في هذه الحالة؛ لأنَّك لا تستطيع الاستمرار في تلبية كل ما هو مطلوب منك دون أخذ قسط من الراحة، لطالما عملتَ على إسعاد الآخرين، وحان الآن وقت إسعاد نفسك.
3. تجنُّب التعرض للاحتراق الوظيفي وتجديد الطاقة الذهنية:
نقضي كثيراً من وقتنا في تلبية متطلبات واحتياجات غيرنا، فنهرع للحاق بأطفالنا إذا نسوا أي شيء، ونوصلهم إلى مدارسهم ومراكز نشاطاتهم، ونصطحب والدينا إلى الطبيب، ونهتم بشؤون شريك حياتنا ونعتني بالمنزل، ويتم استدعاءنا إلى العمل في أيام إجازاتنا بسبب مشكلات لا يستطيع حلها غيرنا.
إن لم نتعلم كيفية إدارة تلك الأمور عبر تخصيص بعض الوقت لتجديد طاقتنا، فقد يؤدي ذلك بنا إلى الاحتراق الوظيفي.
4. الإصغاء إلى حدسك وليس إلى ما تمليه عليك ثقافة "العمل بلا توقف":
تذكَّر أنَّك لست مضطراً للانشغال دائماً، وإلا قد تنهار أعصابك، وتعاني من آلام شديدة قد لا تكون بالضرورة ناجمة عن إصابة جسدية؛ بل ناتجة عن التوتر الذي تعيشه في سبيل تقديم أفضل أداء، وربما ستجد تجربة "التعفن في السرير" صعبة؛ لأنَّك ستستلقي وتفكر في كل المهام التي عليك فعلها بدلاً من الراحة.
لكن، استفاد الكثيرون من هذه التجربة، لا سيما جيل الألفية، الذين عليهم التعامل مع العمل والدراسة والعلاقات والنشاطات الأخرى؛ لذا أصغ إلى حدسك عندما تشعر بضرورة تخصيص بعض الوقت للاسترخاء.
شاهد بالفيديو: 12 وسيلة فعالة للرعاية الذاتية لا يمكنك العيش دونها
4 سلبيات لظاهرة "التعفن في السرير":
1. قد تتفاقم الحاجة إليها مع مرور الوقت، وهي علامة تنذر بوجود مشكلة نفسية:
يرى الكثيرون أنَّ ظاهرة "التعفن في السرير" قد تتحول إلى إدمان مع مرور الوقت؛ فيغمرك شعور بالسعادة في البداية، ولكن يصعب الابتعاد عنها ما إن تعتاد عليها للتعامل مع ضغوطات الحياة اليومية، فإنَّ العزلة طريقة جيدة لتخفيف التوتر، ولكنَّها قد تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
بعدها، قد يؤدي "التعفن في السرير" إلى الشعور بالقلق الاجتماعي عند التخطيط للاجتماع مع الناس، وهذا يؤدي إلى تجنب التواصل مع الآخرين تماماً، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ معظم مشكلات الحياة يجب معالجتها مباشرةً، لكنَّ اللجوء لتجربة "التعفن في السرير" قد يؤدي إلى التهرب من مواجهة صعوبات الحياة، وهو سلوك يؤدي إلى عواقب سلبية، ويسبب الاستياء والإحباط في العلاقات؛ لأنَّ كل طرف يبدأ بوضع افتراضات معينة قد لا تكون صحيحة عما يدور في ذهن الطرف الآخر، بدلاً من النقاش والتواصل السليم.
2. قد تؤدي إلى السمنة ومشكلات في القلب والأوعية الدموية:
يشير الأطباء إلى أنَّ ظاهرة "التعفن في السرير" قد تضر بصحة المرء إذا مارسها بصورة متكررة، فصحيح أنَّ ملازمة السرير وتناول الأطعمة السريعة أو الحلويات أمر ممتع؛ لكنَّه قد يتحول إلى عادة تسبب زيادة الوزن ومشكلات في القلب بسبب نقص تدفق الدم الناتج عن قضاء فترات طويلة دون نشاط.
3. قد تخلُّ بأنماط النوم الصحية:
في الأحوال العادية، السرير هو مكان للراحة والاسترخاء والنوم، ولكن عند الاعتياد على تجربة "التعفن في السرير"، يصبح الفراش والأغطية مرتبطة بالنشاط وليس الراحة، وبدلاً من النوم، يواصل الكثيرون الاستلقاء في السرير واستخدام هواتفهم ليلاً، وهذا يؤدي إلى خلل في دورة النوم، ويصعِّب الشعور بالنعاس عندما يكونون في أمس الحاجة إلى ذلك.
يسبب السلوك هذا التعب خلال النهار، وبالتالي تخفيض الإنتاجية، وهذا بدوره يؤدي - للأسف - إلى ممارسة "التعفن في السرير" أكثر، إلى أن ينهار الجسد في النهاية من الإرهاق.
4. تؤدي إلى النقد الذاتي:
قد يشعر الأشخاص الذين يمارسون "التعفن في السرير" بالكسل، وينتقدون أنفسهم بسبب ذلك، وقد لا يبدو هناك مشكلة في ذلك؛ لكن من الناحية النفسية يؤدي إلى دوامة من النقد الذاتي الذي يمنعك من النهوض والعمل، ويؤثر سلباً في تفكيرك، ويدفعك إلى قضاء مزيد من الوقت في السرير.
وجدت الأبحاث الطبية علاقة بين الخمول والمزاج؛ فكلما زادت حركتنا، يطلق الجسم كمية أكبر من هرمون الإندورفين المسؤول عن المشاعر الإيجابية، وهذا يساعدنا على التخلص من المشاعر السلبية، بينما تزيد قلة النشاط شعورنا بالإحباط وسرعة الانفعال وانتقاد أنفسنا والآخرين أكثر.
في الختام:
إنَّ تجربة "التعفن في السرير" بسلبياتها وإيجابياتها، ستفيدك أكثر إذا اعتبرتها وسيلة لمساعدتك على الراحة عندما تصاب بقلق وتوتر لا يُحتمل، ولكن إذا تحوَّلَت هذه التجربة إلى أسلوب حياة وليس سبيلاً للراحة الذهنية والجسدية، فسوف تضيِّع كثيراً من وقتك، وتتمنى بعد سنوات من الآن لو اتخذت الخطوات اللازمة لتحقيق أهدافك وأحلامك.
حينما تبالغ في ممارسة ظاهرة "التعفن في السرير"، ستصاب بالكسل وتعيش حياتك بندم، بينما تؤدي ممارستها باعتدال إلى تشجيعك وتجديد طاقتك وإلهامك..annajah.net