عيون الأطفال.. الوقاية تبدأ بعد الولادة 09-10-2024
تُشكل العين أحد أهم الأعضاء الحساسة بالجسم، ولذلك يحرص الأطباء على فحصها بدقة لحديثي الولادة، للكشف عن وجود أي مشكلات مرضية تهدد الرؤية والبصر، والتدخل الطبي المبكر، وربما تستمر هذه الأمراض في السنوات الأولى من الطفولة، ما يتطلب متابعة وانتباهاً وفحوصاً دورية، حتى تحد من تطورها وتأثيرها السلبي، وفى هذا التحقيق يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على الأعراض والوقاية.
يقول د. محمود حامد، أخصائي طب وجراحة العيون: إن فحص حديثي الولادة يبدأ عادة بإجراء التحقق من صحة العين الأساسية، ويتضمن ذلك الفحص البدني للهياكل الخارجية، الجفون والقرنية والملتحمة، واختبار رد الفعل الأحمر الذي يقيم الشبكية والعصب البصري والهياكل الأخرى داخل العين، ما يساعد في الكشف عن الآفات البصرية التي يمكن وجودها مثل: إعتام عدسة العين الذي يتسبب في ضعف الرؤية إذا لم يتم علاجه مبكراً، أو ورم الشبكية النادر الذي يهدد الحياة، ويشمل الفحص تحديد مشكلات أخرى كالحول أو عدم المحاذاة أو تشوهات في شكل العين.
ويضيف: يتم الكشف أيضاً عن الجلوكوما الخلقية أو زيادة الضغط داخل العين التي تؤدي إلى تلف العصب البصري، أو تدلي الجفن العلوي الذي يحتاج إلى تدخل جراحي، أو انسداد القنوات الدمعية الذي يسبب الإفراط في الدموع وعدم الراحة للمولود، ويختفي على الأغلب من تلقاء نفسه أو بتدخل بسيط.
يبين د. حامد أن بعض مشكلات العيون لا تكون واضحة عند الولادة، ولكنها يمكن أن تظهر مع نمو الطفل، وتشمل هذه الحالات الآتي:
* كسل العين الذي يمكن أن يتطور إذا لم تركز إحدى العينين بشكل صحيح بسبب الإصابة بحالة من أخطاء الانكسار أو الحول.
* قصر النظر الذي يتطور على الأغلب في مرحلة الطفولة المبكرة والمراهقة.
* طول النظر من الأخطاء الانكسارية التي تكون أكثر وضوحاً مع نمو الطفل وتطور المتطلبات البصرية، مثل القراءة.
* اعتلال الشبكية الخداجي الذي يصيب المواليد قبل موعدهم الطبيعي، ويؤدي إلى مشاكل في الرؤية في وقت لاحق خلال مرحلة الطفولة إذا لم تتم مراقبتهم.
ويشير د. حامد إلى أن الكشف المبكر عن مشكلات العين يعتمد على فحص حديثي الولادة (0-2 شهر) ضروري لتحديد وجود أي إصابات في بنية العين العامة، وإجراء فحوص شاملة للعين للتحقق من مشاكل المحاذاة والأخطاء الانكسارية والصحة البصرية العامة للرضع (3-6 أشهر)، وفحص حالات الغمش والحول وضعف وطول البصر والإستجماتزم في مرحلة الطفولة (3-5 سنوات)، ويجب الاستمرار في فحص الرؤية بانتظام وخاصة مع سن دخول المدرسة وحتى سن العاشرة وخلال مرحلة المراهقة وفقاً لتوصيات طبيب الأطفال أو العيون، حتى لا تؤثر المشكلات المتعلقة بالرؤية على الأداء الأكاديمي والأنشطة اليومية.
اضطراب
يذكر د. عبد الرحمن بركات، أخصائي طب العيون، أن العين الكسولة، هو اضطراب بصري يتطور عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة، ويحدث ذلك عندما لا تتطور الرؤية الطبيعية على الأغلب في عين واحدة، ويُفضلها الدماغ على الأخرى، ما يؤدي إلى انخفاض حدة البصر وضعف الرؤية في تلك العين، إذا لم يتم علاجه مبكراً.
ويضيف: تظهر أعراض العين الكسولة بشكل ملحوظ في مرحلة الطفولة المبكرة، لدى الصغار بين 3 و7 سنوات، ويمكن أن تتطور الحالة خلال هذه الفترة، ويلاحظ الآباء أو مقدمو الرعاية دلالات الإصابة في عين واحدة وكأنها تتجول إلى الداخل أو الخارج، أو قد يُظهر الطفل تفضيلًا لاستخدام عين واحدة على الأخرى، كما يرافقها إمالة الرأس لرؤية أفضل، صعوبة في المهام التي تتطلب التنسيق البصري، مثل الإمساك بالكرة.
يوضح د. بركات أن الأسباب الكامنة وراء كسل العين تختلف من شخص لآخر، ولكنها تنطوي على وجود بعض المشكلات الأخرى مثل: أن تكون العينان منحرفتين، ما يجعل الدماغ يعتمد أكثر على عين واحدة، الأخطاء الانكسارية (قصر النظر، طول النظر، الإستجماتزم) التي تؤدي إلى اختلافات كبيرة في الرؤية بين العينين، الحرمان من الغمش الذي يحدث عندما يعيق شيء ما الرؤية في عين واحدة أثناء التطور المبكر، مثل إعتام عدسة العين.
ويتابع: عادة تشخيص العين الكسولة يتم من خلال إجراء بعض الاختبارات الشاملة، وتتضمن فحصَ حدةِ البصرِ، ومحاذاة العين، ومدى عمل العينين معاً (الرؤية الثنائية)، ويُعد الاكتشاف المبكر لهذه الحالة أمراً بالغ الأهمية، حيث يمكن علاج الحالة بشكل أكثر فعالية في كثير من الأحيان.
يلفت د. بركات إلى أن عدم علاج هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى فقدان البصر الدائم في العين المصابة، حيث يستمر الدماغ في تجاهل الإشارات الصادرة من العين الأضعف، ما يجعل علاج الحالة أكثر صعوبة مع تقدم الطفل في السن، ومن الأفضل أن يبدأ التداوي بمجرد تشخيص الحالة أو قبل بلوغه سن السابعة، وتشمل الطرق الأكثر شيوعاً ما يلي:
* النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة التي تسهم في تصحيح الأخطاء الانكسارية، ما يساعد العين على التركيز بشكل صحيح.
* تغطية العين القوية برقعة يساعد على تشجيع الدماغ على استخدام العين الأضعف، ما يؤدي إلى تحسين الرؤية في العين المصابة ببعض الحالات.
* تستخدم قطرات الأتروبين أحياناً بدلاً من الرقعة، حيث أنها تعمل على تشويش الرؤية في العين القوية، ما يجبر الدماغ على استخدام العين المصابة.
* إجراء الجراحة في الحالات التي يعاني فيها الطفل من الحول أو إعتام عدسة العين أو المشاكل الهيكلية الأخرى.
انحراف
يشير د.سومان ناير، أخصائي طب العيون، أن الحول، أو المعروف بشكل شائع باسم العيون المتقاطعة، هي حالة تنحرف فيها العينان وقد تتجه إحدهما إلى الداخل أو الخارج أو لأعلى أو لأسفل بينما تنظر العين الأخرى إلى الأمام مباشرة، صعوبة في تقييم المسافات أو تنسيق الحركات، التحديق أو إغلاق عين واحدة: لتحسين الرؤية أو تقليل الرؤية المزدوجة، إمالة الرأس لمحاذاة العينين، ويمكن أن يكون هذا الاختلال مستمراً أو متقطعاً ويتباين مستوى الإصابة باختلاف شدتها ونوعها، وعلى الأغلب يتم اكتشافه عند الرضع فوق سن 6 أشهر.
ويضيف: يحدث الحول عند الأطفال بسبب عدة عوامل، من بينها الوراثة والتاريخ العائلي من الحول أو أمراض العين الأخرى، أو اختلال توازن العضلات الذي يسبب ضعف أو فرط نشاط عضلات العين، أو الحالات التي تؤثر على الأعصاب التي تتحكم في عضلات العين، اختلافات كبيرة في القدرة الانكسارية لكل عين، وبعض الحالات الهيكلية التي تؤثر على الرؤية.
يوضح د.ناير أن تشخيص الإصابة بالحول يتم من خلال الفحص الشامل للعين، يتضمن عادة اختبار حدة البصر للتحقق من مدى قدرة كل عين على الرؤية، وينطوي عادةً على استخدام أدوية لتوسيع الحدقة، اختبار محاذاة العين عن طريق اختبار «هيرشبرغ»، وتقييم حركة كلتا العينين ومدى تحركهما معاً، وفحص مفصّل للعيون بما في ذلك المصباح الشقي وفحص قاع العين لتقييم التغيرات الهيكلية.
يلفت د. ناير إلى أن عدم علاج الحول عند الأطفال يؤدي إلى عدة مضاعفات من بينها، الإصابة بالغمش (العين الكسولة) الذي يتسبب في انخفاض الرؤية في عين واحدة بسبب تفضيل الدماغ للعين الأخرى، صعوبة في تقييم المسافات، الرؤية المزدوجة عندما يتلقى الدماغ صوراً متضاربة من كل عين.
ويضيف: يشمل علاج الحول النظارات أو العدسات اللاصقة لتصحيح الأخطاء الانكسارية وتحسين المحاذاة، أو استعمال العدسات المنشورية للمساعدة في محاذاة الصور التي تراها كل عين، كما يفيد كتدبير مؤقت وللتعامل مع الانحرافات الصغيرة.
الحماية من الإجهاد الرقمي
تشير الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية وقضاء وقت طويل أمام الشاشات يمكن أن يؤدي إلى إجهاد العين الرقمي وجفاف العين وزيادة خطر تطور قصر النظر، وخاصة عند الأطفال، ولذلك ينصح بالحفاظ على مسافات الرؤية الصحيحة وأخذ فترات راحة كل 20 دقيقة من الاستعمال بشكل منتظم، وضرورة الالتزام ببعض النصائح الأخرى للوقاية من التأثيرات السلبية على العين، والتي تشمل:
1- التأكد من الإضاءة المناسبة للمهام مثل القراءة أو الواجبات المنزلية، حيث إن القيام بالأنشطة العلمية في ضوء خافت تتسبب في إجهاد العينين.
2- ارتداء النظارات الطبية إذا كان الطفل يحتاج إلى عدسات تصحيحية، حتى لا تتفاقم مشاكل الرؤية، وخصوصاً ضعف البصر.
3- تشجيع الأطفال على اللعب في الهواء الطلق بانتظام في الطقس المعتدل، حيث إن نقص التعرض لأشعة الشمس يمكن أن يسهم في تطور قصر النظر، مع ضرورة تثقيفهم حول أهمية سلامة العين، بما في ذلك ارتداء نظارات الحماية أثناء ممارسة الرياضة أو في البيئات الخطرة.
4- غسل اليدين قبل لمس العينين أو التعامل غير السليم مع العدسات اللاصقة، للحد من التعرض لالتهاب الملتحمة.
5- تعزز العادات الصحية، والحفاظ على النظام الغذائي المتوازن الغني بالعناصر الغذائية المفيدة للعين (فيتامين أ، ج، هـ، وأحماض أوميغا 3 الدهنية) في دعم صحة النظر
اhttps://www.alkhaleej.ae/