إن ولادة طفل حديث الولادة هي لحظة مليئة بالبهجة والترقب. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يمكن أن تحدث التشوهات الخلقية، والتي يمكن أن تسبب مزيجًا من المشاعر للآباء ومقدمي الرعاية. التشوهات الخلقية هي تشوهات هيكلية موجودة عند الولادة يمكن أن تؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم. في حين أن التعامل مع هذه الظروف قد يكون صعبًا، إلا أنه من الضروري أن نفهم أن الدعم والرعاية المناسبة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في حياة هؤلاء الصغار الأعزاء. في منشور المدونة هذا،من خلال موقع دليلى ميديكال  سوف نتعمق في عالم التشوهات الخلقية، ونستكشف أسبابها وأنواعها والعلاجات المتاحة. من خلال اكتساب فهم أعمق لهذا الموضوع، نأمل أن نقدم الدعم والمعرفة والتوجيه للأسر ومقدمي الرعاية الذين يواجهون حقائق التشوهات الخلقية عند الأطفال حديثي الولادة.

ما هو عيب خلقي

العيب الخلقي Birth Defect) أو التشوه الخلقي  Congenital Defect) هي تغييرات هيكلية تظهر عند الولادة، ويمكن أن تؤثر على أي جزء أو أجزاء من الجسم مثل القلب، والدماغ، والقدم.قد تؤثر العيوب الخلقية على شكل الجسم أو عمله أو كليهما، وتختلف العيوب الخلقية من خفيفة إلى شديدة، حيث تعتمد شدتها على العضو المصاب ومدى تأثره اعتماداً على شدة الخلل. 

اسباب عيب خلقي

تحدث معظم العيوب الخلقية بسبب عوامل وراثية أو بيئية أو مزيج من الاثنين، والتي تسمى عيوب خلقية متعددة العوامل Multifactorial Birth Defects)، ومع ذلك، لا يمكن تحديد السبب في معظم الحالات.

اسباب العيوب الخلقية الوراثية

عيوب في الكروموسومات  Chromosomal Defects)، وتنتج هذه العيوب عن عدد قليل جداً أو كثير جداً من الكروموسومات، أو مشاكل في بنية الكروموسومات، مثل متلازمة داون، وتشوهات الكروموسومات الجنسية.

عيوب جين واحد  Single Gene Defects) هي عبارة عن طفرة في جين واحد تسبب حدوث خلل في أحد أعضاء الجسم.

الوراثة السائدة  Dominant Inheritance) حينما يمر أحد الوالدين، الذي قد يكون مصاباً بالمرض أو لا يكون مصاباً به، عبر جين واحد معيب، مثل الودانة  Achondroplasia)، ومتلازمة مارفان Marfan Syndrome).

الوراثة المتنحية  Recessive Inheritance) عندما ينقل كلا الوالدين، اللذين لا يعانيان من المرض، جين المرض إلى الطفل، مثل التليف الكيسي (بالإنجليزية: Cystic Fibrosis)، وأكياس تاي (بالإنجليزية: Tay Sachs).

أيضاً يمكن أن تزداد فرص الإصابة بعيب خلقي عند الولادة في حالة تناول الأم عقاراً أثناء الحمل، أو معاناتها من مرض، وهذا يسمى المسخ  Teratogen).

 العيوب الخلقية متعددة العوامل بسبب مجموعة من الجينات والتعرضات البيئية، حيث يمكن لأي شخص أن يرث جيناً يزيد من الحساسية لمحفز بيئي، وتشمل الأمثلة الشفة الأرنبية  Cleft Lip) أو الحنك المشقوق  Palate)، وعيوب في القلب، وعيوب الأنبوب العصبي : Neural Tube Defects).

اسباب العيوب الخلقية الاخرى

التدخين، أو شرب الكحول، أو تعاطي بعض المخدرات أثناء الحمل.

الإصابة بحالات طبية معينة، مثل السمنة، أو الإصابة بمرض السكري غير المنضبط قبل الحمل وأثناءه.

تناول بعض الأدوية، مثل دواء أيزوترتينوين  Isotretinoin)، وهو دواء يستخدم لعلاج حب الشباب الشديد.

تقدم عمر المرأة أثناء الحمل، أي ما يزيد عن 34 عاماً.

لا يعني التعرض لواحد أو أكثر من هذه المخاطر أن الحمل متأثر بعيب خلقي، كما يمكن أن تلد النساء طفلاً مصاباً بعيب خلقي حتى لو لم يكن لديهن أي من هذه المخاطر، ومن الضروري التحدث مع الطبيب حول طرق تقليل خطر ولادة طفل يعاني من عيب خلقي.

انواع العيوب الخلقية

عيوب خلقية في القلب  Heart Defects).

عيوب الشفة المشقوقة أو الحنك  Cleft Lip/Palate): وهي عبارة عن فتحة في الشفة أو بسقف الفم.

السنسنة المشقوقة  Spina Bifida): وتعني عدم تطور الحبل الشوكي بشكل صحيح.

حنف القدم  Clubfoot): وهي حالة تشير فيها القدم إلى الداخل بدلاً من الأمام.

تتسبب العيوب الخلقية والوظيفية بعدم عمل جزء أو نظام كامل من أنظمة الجسم، مما يؤدي إلى مجموعة من الإعاقات، وخاصةً في التطور العقلي والذكاء، وقد يصاب بمشاكل في الجهاز العصبي، أو الحساسية.

تشمل الأنواع الأكثر شيوعاً من العيوب الخلقية الوظيفية ما يلي:

متلازمة داون  Down Syndrome): ويعني وجود تأخر في النمو العقلي والبدني.

مرض الخلايا المنجلية  Sickle Cell Disease): وهو عبارة عن تشوه في خلايا الدم الحمراء.

التليف الكيسي  Cystic Fibrosis): يتسبب هذا التليف في تدمير الجهاز الهضمي والرئتين.

تشوهات القلب

عيوب الحاجز الأذيني والبطيني.

القناة الشريانية السالكة.

تضيق الصمام الأبهري أو الرئوي وتضيق الأبهر.

القلب الأيسر ناقص التنسج.

رباعية فالو .

تشوهات الجهاز الهضمي

 انسداد المرئ.

فتق الحجاب الحاجز.

ضيق فتحة البواب للمعدة.

مرض هيرشسبرونج.

انشقاق المعدة.

القيلة السرية.

انسداد الشرج.

انسداد القناة الصفراوية.

التشوهات الخلقية الوراثية

 التليف الكيسي.

متلازمة داون.

متلازمة الكروموسوم إكس الهش.

الضمور العضلي.

بيلة الفينيل كيتون.

فقر الدم المنجلي.

مرض تاي ساكس.

التشوهات الجنينية الناجمة عن عدوى فيروسية للأم في أثناء الحمل

المرض الخامس.

متلازمة الحماق الخلقي.

الزهري الخلقي.

متلازمة الحصبة الألمانية الجنينية.

أشياء تسبب تشوهات الجنين

1-تناول الأدوية باستمرار

يجب استشارة الطبيب دائمًا قبل تناول أي دواء خلال فترة الحمل، حتى وإن كانت مسكنات للألم أو تم وصفها من قبل بعض النساء الأخريات أو مكملات غذائية أو أدوية عشبية، منعًا للتعرض لأي تشوهات خلقية للجنين.

-الابتعاد عن المواد الكيميائية

يُراعى الابتعاد عن استنشاق المواد الكيميائية والمركبات السامة ومنتجات الدهان وغيرها، حيث يصل ذلك للطفل عبر المشيمة، ويزيد من مخاطر إصابة الجنين بمشكلات صحية.

-سوء التغذية للحامل

تؤدي قلة تناول حمض الفوليك لدى المرأة قبل وأثناء الحمل إلى تعرض الجنين للتشوهات الخلقية، فعادة ما ينصح الطبيب بتناول المكملات الغذائية الغنية به خلال الأشهر الأولى، على أن يتم تناول جرعة تُقدر بـ 400 ميكروجرام يوميًا.

-التدخين

ينصح الأطباء بضرورة إقلاع الحامل عن التدخين، فضلاً عن تجنب شرب الكحوليات، حيث يؤثر ذلك على صحة الأم والجنين على حد سواء.

-إصابة الحامل بأمراض معينة

تساهم إصابة المرأة بمشكلات صحية معينة مثل السمنة والسكري سواء قبل أو أثناء الحمل، في زيادة مخاطر تعرض الجنين للتشوهات الخلقية.

-الحمل في سن متأخر

يؤدي الحمل في سن متأخر، وتحديدًا عند بلوغ 34 عامًا أو أكثر، إلى مواجهة الجنين مشكلات صحية عديدة، حيث تشير الدراسات إلى أن الحمل في فترة العشرينات يساعد الطفل على الاستمتاع بصحة أفضل.

-عدم المتابعة مع الطبيب المختص

يجب الحرص على المتابعة واستشارة الطبيب بشكل مستمر خلال فترة الحمل، كذلك يجب إخباره ما إذا كان هناك أحد الأفراد بالأسرة مصابًا بتشوهات خلقية، حتى يمكن تفادي تعرض الجنين لذلك قدر الإمكان.

أنواع التشوهات التي قد تُصيب الجنين

 تشوهات بسيطة: يمكن التغلب عليها جراحيًا أو كيميائيًا بعد الولادة، مثل الشفة الأرنبية التي يمكن علاجها عن طريق الجراحة.

 تشوهات متوسطة: يمكن التعامل معها مثل الطفل المغولي، حيث يمكن تأهيله وتعليمه ويتشارك في أنشطة الحياة أو يصاب الطفل بتشوهات خلقية في الجهاز العصبي أو القلب، وبعضها يكون واضحًا، حيث يمكن رؤيته بالأشعة والجنين في الرحم.

 التشوهات الكبرى: هي التي يستحيل معها الحياة بعد الولادة، مثل أن يولد الطفل بلا مخ.

متى تحدث العيوب الخلقية؟

تحدث معظم العيوب الخلقية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، حيث أنها المرحلة التي تتشكل فيها أعضاء الطفل، وهي المرحلة الأساسية لتطوره.

 هذا لا يمنع حدوث العيوب الخلقية خلال أي مرحلة أخرى من مراحل الحمل، سواء المرحلة الثانية أو الأخيرة، إذ تستمر الأنسجة والأعضاء في النمو والتطور.

متى يمكن اكتشاف العيوب الخلقية؟

يمكن العثور على عيب خلقي قبل الولادة، أو عند الولادة، أو في أي وقت بعد الولادة، وعادةً ما يتم العثور على معظم العيوب الخلقية خلال السنة الأولى من العمر، حيث يسهل رؤية بعض العيوب الخلقية مثل الشفة الأرنبية.

هناك بعض العيوب الخلقية التي تتطلب اختبارات خاصة، مثل عيوب القلب، أو فقدان السمع، فعلى سبيل المثال، يحتاج اكتشاف عيب خلقي بالقلب إلى مخطط صدى القلب، وهي صورة الموجات فوق الصوتية للقلب، فيما يحتاج كشف عيب خلقي بالسمع إلى الأشعة السينية أو اختبارات السمع.

كيف يمكن الوقاية من عيب خلقي؟

لا يمكن منع جميع العيوب الخلقية، ولكن هناك أشياء يمكن للمرأة أن تفعلها قبل وأثناء الحمل لزيادة فرصها في إنجاب طفل سليم، وتشمل:

زيارة الطبيب بانتظام: والبدء في الإلتزام بتعليمات الطبيب مع بدء الحمل.

الحصول على 400 ميكروجرام من حمض الفوليك يومياً: بدءاً من شهر واحد على الأقل قبل الحمل، حيث يساعد حمض الفوليك يومياً في تقليل مخاطر الإصابة بعيوب الأنبوب العصبي، أو العيوب الخلقية في الدماغ، والحبل الشوكي.

توفر بعض الأطعمة نسب جيدة من حمض الفوليك مثل بعض الخضروات ذات الأوراق الخضراء، والمكسرات، والفاصوليا، والفواكه الحمضية، وحبوب الإفطار المدعمة.

تجنب التدخين أو شرب الكحوليات: وكذلك الامتناع عن التعرض للمواد الضارة، مثل الرصاص ومبيدات الآفات والإشعاع الذي قد يضر بالجنين النامي.

استشارة الطبيب قبل تناول أي أدوية، حتى وإن كانت هذه الأدوية متاحة دون وصفة طبية، بالإضافة إلى المكملات الغذائية أو العشبية.

اتباع نظام غذائي صحي: إن اتباع نظام غذائي متوازن قبل وأثناء الحمل ليس مفيداً لصحة الأم بشكل عام فحسب، ولكنه ضروري لتزويد الجنين النامي بالعناصر الغذائية الأساسية للنمو والتطور السليمين.

الحفاظ على وزن صحي: قد تعاني النساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن من مشاكل طبية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، كما أن النساء اللائي يعانين من نقص الوزن قد ينجبن أطفالاً يعانون من انخفاض الوزن عند الولادة.

الإدارة الطبية للمشكلات الصحية الموجودة مسبقاً: يساعد التحكم في أي مشاكل طبية حالية أو موجودة مسبقاً، مثل مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم في تقليل الآثار الجانبية المحتملة للطفل.

تجنب الأطعمة التي يمكن أن تسبب العيوب الخلقية: مثل اللحوم غير المطبوخة جيداً، والبيض النيء.

تجنب أي تلامس أو التعرض لفضلات القطط: والتي قد تحتوي على طفيلي يسمى التوكسوبلازما الذي يسبب داء المقوسات، وتشمل المصادر الأخرى للعدوى: الحشرات التي كانت على إتصال ببراز القطط.

غالباً ما يحتاج الأطفال المصابون بعيوب خلقية إلى رعاية وتدخلات خاصة للبقاء على قيد الحياة والنمو، ويساعد التدخل المبكر لتحسين حالة الطفل قبل تفاقمها.

في الختام، تعتبر التشوهات الخلقية عند الأطفال حديثي الولادة مشكلة معقدة ومتعددة العوامل تتطلب نهجًا متعدد التخصصات للوقاية والتشخيص والعلاج. في حين أن التقدم في التكنولوجيا الطبية والبحوث الجينية أدى إلى فهم وإدارة أفضل لهذه الحالات، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به من حيث الكشف المبكر والاستشارة والدعم للأسر المتضررة. من خلال رفع مستوى الوعي حول عوامل الخطر المحتملة وتنفيذ التدخلات المناسبة، يمكننا أن نهدف إلى الحد من انتشار وتأثير التشوهات الخلقية لدى الأطفال حديثي الولادة وتقديم أفضل النتائج الممكنة لهؤلاء الأطفال. تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية لضمان حصول كل طفل على فرصة للنمو والعيش حياة صحية ومرضية، بغض النظر عن تركيبته الجينية أو حالته الطبية.