التهاب الجلد التأتبي.. أعراض مزمنة وتأثيرات نفسية واجتماعية 15-07-2021


تنتشر الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي أو ما يطلق عليها الأكزيما التأتبية بين الأطفال الصغار، وهي حالة شائعة يرافقها حكة واحمرار في الجلد في مناطق مختلفة من الجسم، وتعتبر من الأمراض المزمنة طويلة الأمد التي يصاحبها ظهور نوبات، وتحدث على الأكثر للمصابين بالربو أو حمى القش، وهناك بعض المحفزات والمهيجات والعوامل الوراثية والبيئية التي تزيد من خطر المشكلة، وفي هذا التحقيق يستعرض مجموعة من أطباء الأمراض الجلدية هذا الموضوع وطرق الوقاية والعلاج.

تقول الدكتورة خديجة الجفري استشارية الأمراض الجلدية إن التهاب الجلد التأتبي يعتبر من المشكلات المزمنة التي تصيب الأشخاص في جميع المراحل العمرية، لكنه ينتشر على الأكثر بين الأطفال وتصل نسبة الإصابة تصل إلى 20%، وفي بعض الحالات يختفى المرض في المراهقة أو تدريجياً مع تقدم العمر، وتبدأ الأعراض بجفاف في الجلد يرافقه حكة شديدة، ومن ثم يظهر طفح أحمر مع قشرة على سطح البشرة، وفي حالات شديدة يصيب المنطقة التهابات بكتيرية أو فطرية أو فيروسية، وتتحول إلى نفطة مملوءة بسائل شفاف، وعلى الرغم من أن السبب الرئيسي للإصابة غير معلوم حتى الآن، فإن هناك عوامل متعددة تجعل فئة من الأشخاص مؤهبين للمرض.

أسباب الإصابة

تذكر د.خديجة أن هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، وتشمل الآتي:

* الجينات الوراثية تلعب دوراً رئيسياً في زيادة خطر الإصابة، وخاصة عندما يكون أفراد العائلة مصاباً بأزمة الربو، أو حمى القش، أو حساسية الأنف.

* تؤثر العوامل المناعية بشكل كبير في الإصابة، حيث إن المرض يستهدف على الأكثر الأشخاص الذين يعانون أضرابات معينة في الجهاز المناعي، وتعمل العلاجات الحديثة مثل الإبر البيولوجية على استهداف هذه البروتينات التي لها دور في الجهاز المناعي.

* العوامل البيئية كالتغيرات الطقسية والمناخية في الجو، الجفاف، الغبار، واستخدام المنتجات المعطرة.

عادات سلبية

تبين د.خديجة، أن ممارسة بعض العادات السلبية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض التهاب الجلد التأتبي، وتشمل استخدام بعض أنواع الصابون المعطر، أو مواد التنظيف التي تزيد من فرصة الإصابة، التعرض للمحفزات التي تثير التحسس كعث الغبار، ووبر الحيوانات، والتعرض للضغط النفسي والتوتر، ارتداء الملابس غير القطنية، والاستحمام بالماء الحار، وعلى عكس المتعارف عليه فإن الحساسية من بعض أنواع الطعام مثل الحليب والبيض ليست مسبباً أساسياً للأكزيما التأتبية، وتصل نسبة حساسية الأكل في الأشخاص المصابين من 10-20% فقط، وتعتبر المراقبة أهم وسائل التشخيص الصحيح، والخطوة الأولى والرئيسية لمعرفة إذا كان المصاب بهذا المرض لديه حساسية من الأطعمة أم لا، ويليها فحص الدم.

استعداد وراثي

تبين الدكتورة ماري متى أخصائية الأمراض الجلدية، أن هناك العديد من العوامل المرضية التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، كالاستعداد الوراثي لأمراض الحساسية بشكل عام أو ما يسمى «التأتب» مثل الحساسية الموسمية والربو والتي تصيب الصدر، وبعض أنواع الطعام، وربما تكون المشكلة عند بعض المرضي بأكثر من نوع حساسية في نفس الوقت، ويبدأ المصاب بالمعاناة من التهاب الجلد التأتبي، ثم تظهر أنواع الحساسية الأخرى لاحقاً.

عوامل محفزة

توضح د.مارى، أن الجينات تتحكم في تكوين خلايا الجلد وقدرته على استبقاء الماء، ومن ثم ترطيب الجلد الدائم ولذلك عند تأثر هذه الجينات يفقد الجلد القدرة على الترطيب الذاتي، وتبدأ الأعراض المرضية وأولها جفاف الجلد، ما يحفز جهاز المناعة وتتوالى العلامات من حكة واحمرار، وهناك أيضاً بعض العوامل المهيجة للجلد مثل العطور والملابس الصوفية والغبار والمواد الكيماوية وبعض أنواع الطعام التي تزيد من نسبة الإصابة، كما تتفاقم في المناخ الجاف، ولذلك تشتد الأعراض في موسم الشتاء، ما يؤثر في المرضى الذين يعانون الأكزيما التاتبية عن طريق التلامس بالجلد أو استنشاق الروائح الكيماوية النفاذة أو تناول بعض الأطعمة.

أنواع التأتب

تشير د.مارى، إلى أن تشخيص التهاب الجلد التأتبى يكون في معظم الأحيان أكلينيكياً عن طريق فحص الأماكن المصابة، والاطلاع على الأعراض والتأكد من وجود عامل وراثي وحكة شديدة خاصة ليلاً، ونادراً ما يطلب الطبيب إجراء فحوص الدم أو عينة من الجلد، ويتم تصنيف هذا المرض بحسب عمر المصاب، كالآتي:

* المرض يصيب الرضع عادة بين عمر شهرين إلى سنتين وتستهدف على الأكثر مناطق الخدين وفروة الرأس.

* تستهدف الإصابة عند الأطفال أجزاء من الجسم كثنايا المرفقين والركبتين والجفون والرقبة.

* يمكن أن يستمر التهاب الجلد التأتبي بعد سن البلوغ في نسبة قليلة من المصابين، وتكون بنفس الصورة الإكلينكية مثل الأكزيما عند الأطفال أو بصورة أكثر انتشاراً مع تغير شكل الجلد ليصبح سميكاً وغامق اللون نتيجة الحكة المزمنة.

أعراض متعددة

تذكر د.مارى، أن التهاب الجلد التأتبي تبدأ أعراضه عند الأطفال بجفاف شديد في الجلد، وينتج عنه إحساس بالحكة ويتطور إلى تشقق واحمرار والتهابات ونزيف وإفرازات جلدية، ما يسهم في نمو البكتيريا أو الفيروسات في المناطق المصابة، وتختلف حدة المرض وانتشاره من شخص إلى آخر، أما عند الكبار فتستهدف منطقة واحدة من الجسم، كحول الأعين أو اليدين أو الصدر، وتعبر الحكة أصعب العلامات التي يعانيها المرضى، وخاصة عند إصابة مساحات كبيرة من الجلد، ما يؤثر في جودة الحياة ومعدل النوم، وربما تؤدي إلى الانطواء والاكتئاب والعزلة، ويمكن أن يعانى الصغار أيضاً عدم الثقة بالنفس والتأثير السلبي على الحياة الاجتماعية وعدم القدرة على التحصيل الدراسي.

مضاعفات ومخاطر

يلفت الدكتور أكبر علي أخصائي الأمراض الجلدية، إلى أن أبرز الأمراض الشائعة التي ترافق التهاب الجلد التأتبي هي الربو التحسسي وحساسية الأنف، ويرافق هذه الإصابة بعض المضاعفات كالعدوى البكتيرية الشاملة، أو يعاني المرضى في بعض الأحيان من عدوى فيروسية مثل الثآليل الفيروسية والتهاب الملتحمة المليسائي، أما الأشخاص الذين يتناولوا أدوية كثيرة كحقن الكورتيزون، فعادة ما يصابون بالبدانة التي ترافقها أيضاً اكتئاب نفسي.

خيارات علاجية

يؤكد د.أكبر علي، أن العلاج البيولوجي الحديث يعتبر العلاج الأفضل والأكثر تطوراً لالتهاب الجلد التأتبي في الآونة الأخيرة، والذي يشكل إنجازاً كبيراً في علاج هذا المرض، ويعد من الأدوية الناجحة والآمنة والفعالة في التحكم في الأعراض الحادة، وتصل نسبة الشفاء لـ 80 % من الحالات، ويناسب هذا العلاج المرضى الذين سئموا من استخدام الكريمات الموضعية، مثل مضادات الهيستامين والتسرويد.

مضادات طبيعية

يسهم تناول الأطعمة المضادة للالتهاب في السيطرة أو التخفيف من أعراض التهاب الجلد التأتبي، كالبروكلى الذي يرتبط بالتأثيرات المضادة للالتهابات لمضادات الأكسدة التي تحتوي عليها بحسب الأبحاث، والأسماك كالسلمون، والسردين، والأنشوجة، لأنها تحتوي على كميات عالية من الأوميغا 3، وكذلك الفلفل الحلو الذي يحد من الأضرار التأكسدية لدى الأشخاص، والفراولة والتوت والكرز لتأثيراتهم في مقاومة الالتهاب وتقليل خطر الإصابة بالأمراض، ومساعدة الجسم أيضاً في الحفاظ على الجهاز المناعي، أما الفطر أو المشروم فهو من الأطعمة منخفضة السعرات الحرارية، ويحتوي على كميات غنية فيتامينات (ب) والسيلينيوم والنحاس، وتذكر إحدى الدراسات، أن وضع عيش الغراب مع الأطعمة يقلل من المركبات المضادة للالتهابات