القرنية المخروطية.. تراجع قدرة الإبصار وزيادة درجة اللابؤرية 15-07-2021


تتخذ القرنية شكل قبة، وهي الجزء الشفاف من العين الذي يتحكم بدخول الضوء إليها، وتركيزه عليها، وفي حالة القرنية المخروطية يحدث ضعف مرضي في سماكة وصلابة هذا الجزء، ما يؤدي إلى بروزها بشكل غير طبيعي على شكل مخروط، ويتسبب في التأثير على جودة النظر؛ نتيجة اضطراب اللابؤرية أو الاستجماتزم، وتصبح الرؤية مشوشة وغير واضحة، إضافة إلى زيادة الحساسية للضوء والأشياء الساطعة، وعادة ما تستهدف هذه الحالة العينين معاً، وتتأثر كل واحدة منهما بشكل مختلف عن الأخرى، وتنتشر بين الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 10 إلى 25 عاماً، وربما تتطور المضاعفات لمدة 10 سنوات أو أكثر ثم تتباطأ أو تستقر، وفي هذا التحقيق يسلط خبراء واختصاصيون في مجال طب العيون، الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

يقول الدكتور أسامة الجليدي استشاري طب العيون أن هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى القرنية المخروطية، وزيادة المرونة بما يتجاوز الحد الطبيعي، وتصبح رقيقة وبارزة للأمام، ما يؤدي إلى تراجع قدرة الإبصار وزيادة درجة اللابؤرية، وربما تكون المشكلة وراثية؛ حيث تمكن العلماء من تحديد رابط كروموزومي له دور في هذه الإصابة، وفي حالات أخرى ترافق بعض الأمراض كالأكزيما، والربو، وحساسية العين، ولا تحدث القرنية المخروطية منذ الولادة، ولكن تبدأ أعراضها بالظهور عادة في مرحلة البلوغ، كما ترتبط بشكل واضح مع فرك العينين التي يسبب سرعة تفاقمها.

فئة مستهدفة

يذكر د.أسامة أن القرنية المخروطية تحدث بشكل أكبر عند بعض المجموعات العرقية، مثل سكان الشرق الأوسط وجنوب أوروبا وجنوب آسيا، وتصيب شخصاً واحداً من بين كل 2000، كما تعد العوامل البيئية والجينية من الأسباب المحتملة، ولكن لا يزال عامل الإصابة الرئيسي غير مؤكد، وتجدر الإشارة إلى أن الكشف المبكر يلعب دوراً مهماً في الوقاية من مضاعفات القرنية المخروطية كالإعاقة البصرية الشديدة والعمى، ويتم ذلك عن طريق قياس شكل وسماكة القرنية عن طريق الكمبيوتر فيما يعرف بتصوير طبوغرافيا القرنية باستخدام تكنولوجيا متطورة مثل الكاميرا الخماسية (بانتاكام).

تأثيرات سلبية

يوضح الدكتور ميغيل مورسيلو أخصائي جراحة القرنية والكتاراكت وتصحيح البصر أن القرنية المخروطية حالة مرضية اضطرابية تصيب العدسة الخارجية الواضحة من العين، ما يؤدي إلى ترقق تدريجي في سماكتها، نتيجة عدم انتظام في هيكليتها، كما تقلل من القدرة على الرؤية، وتجدر الإشارة إلى أن الطبقة الوسطى والأكثر سماكة من القرنية تتكون من الماء وبروتين طبيعي يُدعى «الكولاجين»، وهو الذي يمنح القرنية الصحة والقوة والمرونة بشكل دائري شامل ومنتظم ومتماثل، لتوفير الرؤية الواضحة، وفي حال تطورت الحالة يضعف بروتين «الكولاجين» مع الوقت، وينحف سمكها وتنتفخ لتتخذ شكلاً مخروطياً غير منتظم، ما يؤدي إلى العديد من التأثيرات السلبية التي تهدد البصر.

أعراض الإصابة

يبين د.ميغيل أن حالة القرنية المخروطية تبدأ بالظهور في سن البلوغ، وتتطور حتى منتصف الثلاثينات من العمر، وتؤثر عادة في العينين معاً، وتختلف الأعراض في كل عين، ويمكن أن تتغير بمرور الوقت، كالآتي:-

* في المراحل المبكرة تشمل علامات الإصابة تغيرات ملحوظة في وصفات النظارات الطبية، وضبابية خفيفة في الرؤية مع صعوبة في القيادة ليلاً، ورؤية مشوهة؛ بحيث تبدو الخطوط المستقيمة منحنية أو متموجة، وحساسة تجاه الضوء والتوهج، إلى جانب احمرار العين أو تورمها، مع حكة متكررة.

* يرافق تطور حالة القرنية المخروطية رؤية مشوهة وأكثر ضبابية، وزيادة في قصر النظر أو اللابؤرية، وضعف في الرؤية، على الرغم من تغيير النظارات الطبية، وكذلك حدوث انزعاج من العدسات اللاصقة.

وسائل التشخيص

يشير د.ميغيل إلى أن أكثر الاختبارات اعتماداً لتشخيص حالة القرنية المخروطية هي «طوبوغرافيا القرنية» التي تقيس الأبعاد المختلفة والمتعددة للقرنية، بما في ذلك انحناءات الأسطح الأمامية والخلفية والسماكة، كما تعرض مجموعة «خرائط» ملونة يقيمها طبيب العيون، ويقوم برنامج الكمبيوتر المخصص بتحليلها ويقارن الدرجات التي حددها الاختبار الحالي بقاعدة بيانات ضخمة للقرنيات الطبيعية، كما تتوفر تقنيات أكثر حداثة، تسمح بتحديد القرنية المخروطية مبكراً، حتى قبل التغييرات التي يمكن أن تلحق بها؛ لذلك فإن التشخيص والكشف المبكر يسهمان في تجنب إجراء جراحة بالليزر لمعالجة الاضطرابات الانكسارية في العين.

مضاعفات ومخاطر

يلفت د.ميغيل إلى أن القرنية المخروطية من المشكلات التي تحتاج إلى سنوات كي تتطور لمرحلة حرجة، ولكنها تتدهور بدرجة سريعة بعد ذلك، فيمكن لها أن تنتفخ فجأة وتبدأ في اتخاذ شكل الندبة، مع انخفاض حاد في الرؤية، ويعد الهدف الأساسي من وسائل العلاج الحديثة للقرنية المخروطية هو وقف التطور السلبي للحالة، واستعادة الرؤية بأفضل صورة ممكنة.

خيارات علاجية

تذكر الدكتورة لويزا ساستري أخصائية طب العيون وعلاج الشبكية أن هناك طرقاً حديثة ومتطورة لمنع تدهور حالة القرنية المخروطية، كاستخدام تقنية الأشعة الفوق بنفسجية مع فيتامين (B2) ورايبو فلافين أو ما يطلق عليه «تصليب القرنية»، وهي عملية آمنة وناجحة وتتم تحت التخدير السطحي، وتعتمد على تقوية روابط الكولاجين بين الطبقات، ما يُحدث تغيرات في قرنية العين، وتزيد من صلابة هذه الأربطة بنحو 300 %، ما يوقف التلف الحادث في القرنية المخروطية.

وتضيف: أثبت علاج تصليب القرنية قدرته على إيقاف تدهور المضاعفات، كما يؤدي إلى تحسن النظر عند بعض الحالات، ويجب التنويه إلى أن المريض سيحتاج بعد ذلك إلى استخدام النظارة الطبية أو العدسات اللاصقة بعد هذا العلاج؛ حيث إن الهدف الأساسي من هذه المعالجة هو توقيف التدهور المستمر في النظر، وتقليل المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة القرنيات، وكلما كان التدخل مبكراً زادت نسبة النتائج الناجحة، وربما تتعرض الخلايا لبعض المضاعفات البسيطة، أو الشعور بعدم الارتياح وعدم وضوح في الرؤية لمدة يومين، ويمكن وصف حبوب مسكنة للمصاب.

زراعة الحلقات

تؤكد د.لويزا أن زراعة حلقات بالقرنية من العلاجات الحديثة التي انتشرت في السنوات الأخيرة، وينصح بها للحالات التي لا تتمكن النظارة الطبية أو العدسة اللاصقة من رؤية واضحة قبل إجراء عملية التصليب، وتستخدم الحلقات لإعادة انتظام القرنية مرة أخرى، أو على الأقل تقليل عدم الانتظام، ما يُحسن حدة الإبصار نظراً لتغير مقاس القرنية واقترابه من الطبيعي، وكما تساعد الحلقة نفسها على إبطاء أو ربما توقف المرض، ويتم تركيب الحلقات باستخدام ليزر الفيمتو ثانية (الإنتراليز او فيزي ماكس)، وتعد هذه الطريقة آمنة وفاعلة.

رأب القرنية

يعد زرع أو رأب القرنية الخيار العلاجي الأخير لتصحيح الشكل المخروطي لعدسة العين، وإعادة تصويب انحنائها، وتحسين شكل القرنية المصابة أو التالفة وجودة الرؤية والحد من الآلم وتخفيف الأعراض، ومعالجة التورم أو الترقق أو التمزق، أو التضخم إلى الخارج ( تمخرط القرنية)، والمرض الوراثي ضُمور فوكس، والقرح التي لا تستجيب للعلاج، والمضاعفات الناجمة عن جراحات سابقة في العيون، وهي عملية آمنة وأثبتت نجاحها في أكثر من 90% من المرضى؛ حيث يقوم الطبيب بإزالة محور القرنية، والاستعاضة عنه بجزء آخر من أحد الأشخاص المتبرعين، مع الإشارة إلى احتمال الحاجة إلى استخدام عدسات لاصقة بعد إتمام العملية.