اضطرابات المُسنين النفسية.. ضغوط متراكمة 05-02-2024

تساهم العديد من العوامل في زيادة انتشار المشاكل النفسية مع تقدم العمر، وتجلب الشيخوخة تحديات وصعوبات، وأبرزها: تدهور الصحة البدنية، وفقدان الأحباء، وانخفاض الدعم الاجتماعي، والتغيرات البيولوجية في الدماغ، ومشاكل الصحة العقلية مثل تلك التي تظهر في حالات التنكس العصبي، كما تزيد ضغوط الحياة المتراكمة، والأمراض المزمنة، واحتمالية التعرض لتحولات كبيرة في الحياة ارتفاع معدل التعرض للمشاكل النفسية لدى كبار السن، وفي السطور القادمة يسلط مجموعة من الخبراء والاختصاصيين الضوء على هذه الاضطرابات تفصيلاً.

يقول د. سلمان كريم، أخصائي الطب النفسي: الخرف متلازمة تتميز بالانخفاض التدريجي في الوظيفة الإدراكية، ما يؤثر في الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء الأنشطة اليومية، ويمكن أن يعاني المصابون أيضاً تغيرات في الشخصية، ويستهدف على الأكثر كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.

ويضيف: تنقسم أسباب الخرف إلى عوامل غير قابلة للتعديل كالجينات الوراثية وتقدم العمر وانخفاض الذكاء، وعوامل قابلة للتعديل مثل: خيارات نمط الحياة، قلة النشاط البدني والتدخين، والأمراض المزمنة كداء السكري وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية وفرط شحميات الدم، كما تؤدي بعض العادات الخاطئة لزيادة فرص الإصابة، والتي تشمل قلة التحفيز العقلي، النظام الغذائي غير الصحي، نمط الحياة غير المستقر، والعزلة الاجتماعية في سن الشيخوخة.

يشير د.سلمان إلى أن الإصابة بالخرف ترافقها العديد من الأعراض، وأبرزها: فقدان الذاكرة، الارتباك، صعوبات في فهم التواصل، وأحياناً التجول أو الضياع عند الخروج من المنزل، وتشمل المضاعفات النفسية مع تطور المرض الاكتئاب والقلق، والانفعال والتعامل بعدوانية في بعض الأحيان، وتشمل طرق التشخيص، الكشف السريري، تصوير الدماغ، الاختبارات المعرفية وفحوص الدم، ويعتبر الكشف المبكر للمرض أهم الطرق لتلقي الخيار العلاجي المناسب والحد من تطور الخرف.

ويؤكد د.سلمان على أن الإصابة بالخرف لا يوجد لها علاج حتى الآن، ولكن يمكن أن تساهم بعض طرق التداوي في إدارة الأعراض وتخفيفها، وأهمها الأدوية والعلاج بالتحفيز المعرفي ومجموعات الدعم، كما تفيد إقامة المصاب في منازل منظمة وآمنة مع إجراءات روتينية منتظمة، ومشاركته في الأنشطة وفقاً لقدراته، كما تجب توعية وتثقيف أفراد الأسرة ومقدمي الرعاية عن التعامل مع المريض، لفهم تطور الحالة، ويمكن أن يؤدي الانضمام إلى مجموعات الدعم المختلفة إلى تخفيف العبء.

مشكلات متعددة

توضح د. بينو شاكو أخصائي الطب النفسي، أن كبار السن من أبرز الفئات التي تعاني المشكلات النفسية، وخاصة الذين يواجهون ضعف الدعم النفسي، وفقدان الشريك، والفجيعة، كما يستهدف من لديهم تدهور الصحة البدنية الذي يؤدي إلى الإعاقة، ومن يعانون اضطرابات منهكة شديدة موجودة مسبقاً، واضطرابات تعاطي المخدرات، وكذلك الذين لديهم نمط حياة خامل.

وتضيف: تزيد بعض العادات والسلوكيات الاجتماعية من تفاقم المشاكل النفسية في سن الشيخوخة، وتشمل هذه ضعف دعم الأقران، والافتقار إلى التنشئة الاجتماعية، وعدم المشاركة في الأنشطة، وسوء نوعية الحياة، كما يؤدي استخدام العقاقير الترويحية والكحول على المدى الطويل إلى هذه الاضطرابات، ويساهم فيه أيضاً ضعف السيطرة على الاضطرابات الأيضية، ما ينجم عنه الإعاقات الإدراكية والحالات التنكسية، وتظهر مضاعفات المشاكل النفسية لدى كبار السن على شكل انخفاض في القدرة الوظيفية، وقيود على الحركة، ويصبحوا في نهاية المطاف طريحي الفراش.

تذكر د.شاكو أن التخفيف من مخاطر المشاكل النفسية في سن الشيخوخة، يعتمد على تشجيعهم بالاندماج في المجتمع والعائلة والمحيطين بهم، وممارسة النشاط البدني والهوايات، والمشاركة في مجموعات تستهدف نفس الفئة العمرية، وتعلم مهارات جديدة، وطلب الدعم عند الحاجة، والخضوع لفحوص صحية منتظمة، واعتماد نظام غذائي متوازن.

وتضيف: تتضمن أساليب علاج المشكلات النفسية لدى كبار السن مزيجاً من العلاج النفسي والأدوية وخدمات الدعم، والعلاج السلوكي المعرفي، ويتم وصف الأدوية لمعالجة العديد من مشكلات الصحة العقلية، وحالات الاكتئاب أو القلق أو الاضطرابات الذهانية.

عوامل متنوعة

توضح المعالجة المعرفية والسلوكية كارولين يافي، أن الاكتئاب عند المسنين يحدث نتيجة مجموعة متنوعة من العوامل، وعلى الأغلب تكوّن مزيج من العوامل الجسدية والنفسية والبيئية، وتتزايد فرص الإصابة به مع التقدم في السن مثل الأمراض المزمنة التي تشمل مشكلات القلب، الجلطات، السرطان، الزهايمر، وداء باركنسون، بالإضافة إلى بعض الأدوية التي تُوصف لتلك الحالات، وربما يكون لها أثر جانبي يتمثل في زيادة الاكتئاب.

وتضيف: غالباً ما يعاني كبار السن مشاعر الوحدة والعزلة نظراً لضعف قدرتهم على الحركة، والعيش بمفردهم، أو تقلص شبكة علاقاتهم الاجتماعية، في ظل فقدان أحبائهم، كما يعتبر تراجع القدرة الجسدية أو التغير المفاجئ في ترتيبات المعيشة، مثل الانتقال من منزل العائلة إلى أحد مراكز الرعاية، أحد أسباب الإصابة بالاكتئاب، ويمكن للخوف من الموت والمشكلات المالية أن يساهما في هذه المشكلة أيضاً، وبشكل عام تُعد هذه الحالة خطيرة وتستلزم التعامل معها بشكل فوري.

تشير كارولين يافي، إلى أن الأنواع الرئيسية للاكتئاب التي تصيب كبار السن تتمثل في «اضطراب الاكتئاب الشديد» الذي يظهر على شكل فترات مطولة من الحزن الشديد أو اليأس، و«اضطراب الاكتئاب المستمر» الذي يعتبر نوعاً مزمناً من الاكتئاب يدوم لمدة سنتين على الأقل، وهناك أيضاً «الاضطراب العاطفي الموسمي» الذي يحدث عندما تصبح الأيام أقصر خلال أشهر الشتاء، والاكتئاب الوعائي، الذي يُعتقد أنه ناجم عن انسداد أو تضيق أوعية دموية صغيرة في الدماغ، وغالباً ما يُلاحظ هذا النوع عند المسنين الذين لديهم تاريخ من السكتات الدماغية.

وتتابع: يمكن أن يتسبب الاكتئاب عند كبار السن في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض جسدية. وغالباً ما يترافق مع أمراض طبية خطيرة أخرى، ويمكن أن يساهم في انخفاض القدرات الوظيفية وبالتالي المكافحة مع الرعاية الذاتية وأداء المهام الروتينية، كما يؤدي إلى الموت سواء من خلال الانتحار أو نتيجة مشكلات مرتبطة بالصحة الجسدية، كما ينجم عنه الشعور باليأس أو اللامبالاة، ما يمنعهم من الاستمتاع بالأنشطة التي كانوا يحبونها يوماً ما، ويؤثر بشكل كبير في جودة حياتهم.

خيارات العلاج

توضح كارولين يافي أن خيارات العلاج الأولية للاكتئاب تتمثل في: الأدوية، والعلاج النفسي الذي يعتمد على إجراء محادثات منتظمة مع خبراء صحة عقلية أو مزيج من كليهما.

2

 

ويمكن لمضادات الاكتئاب أن تكون فعّالة للغاية في إدارة هذه المشكلة النفسية، كما تفيد أشكال أخرى، مثل: العلاج السلوكي المعرفي، العلاج بالتواصل بين الأفراد، العلاج بحلّ المشكلات، ويمكن لممارسة الأنشطة الجسدية والحفاظ على حمية غذائية متوازنة والحصول على قسط كاف من النوم وتقليل استهلاك الكحول والإقلاع عن التدخين، أن تساعد كلها على إدارة الأعراض.

وتضيف: يعد تقليل العزلة الاجتماعية من خلال المشاركة وممارسة الهوايات المفضلة ودعم الأقران من الأساليب المفيدة التي تساعد على تحقيق التواصل بين الأفراد الذين يعانون حالات اكتئاب متشابهة وبالتالي توفير الراحة لهم، ويُنصح أيضاً بممارسة تقنيات التأمل واليوغا والاسترخاء لكونها تساعد على إدارة التوتر وأعراض الاكتئاب، كما يعتبر تشجيعهم على طلب المساعدة المهنية، والتحدث مع أخصائي الرعاية النفسية، من أهم الطرق الفعالة في التعافي والعلاج.https://www.alkhaleej.ae/